الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عقد النكاح وآثاره وما يترتب عليه وغير ذلك من بعض ما يتعلق به **
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله على آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد: فإنني مسرور بما تيسر لي من المشاركة في الموسم الثقافي للمحاضرات في كليتي الشريعة واللغة العربية بالقصيم لما أرجوه من الفائدة التي تحصل لي ولمن سمع محاضراتي أو قرأها إن شاء الله تعالى وأسأل الله تعالى أن يجعل عملنا جميعا خالصا لوجهه موافقا لمرضاته. ولكنني أحب أن أقدم كلمة قبل الدخول في صميم المحاضرة تكون مناسبة – إن شاء الله – وهي أنكم تعرفون أيها الإخوة.. وأيها المشايخ أن الإسلام في عصرنا هذا محارب من جهات متعددة. 1- من جهة الكفار 2- من جهة الأخلاق 3- من جهة العقائد وإنه كلما شنت الغارات وقويت فإنه يجب أن يكون لها مضاد يقابلها بل يكون أعلى منها فإذا لم يكن ذلك فإن معناه القضاء على الإسلام. وهذا أمر في أعناق أهل العلم وأهل الدين، يجب عليهم أن يبذلوا الجهد ما استطاعوا بأن يمنعوا هذه التيارات التي جاءتنا من كل جانب والتي أصبح الإنسان فيها بل الحليم حيران لا يدري كيف يتصرف ؟ ولقد كنا نسمع كثيرا أن أعداء المسلمين يقولون: إنه يجب التركيز على – المملكة العربية السعودية – لكونها مهد الإسلام وقبلة المسلمين وقدوتهم، ولهذا تجدهم يشنون الغارات الشرسة والمكايد المحكمة ويكرسون جهودهم لحرب هذه المملكة وإذا لم يقم أهل هذه المملكة من علماء ومن مخلصين بإيصاد الباب أمام هؤلاء وسوف يجوسون خلال الديار وسوف تجدون أمورا تنكرونها غاية الإنكار. والذي يجب علينا أمام هذه التيارات أيها الإخوة هو: 1- توحيد الدعوة 2-توحيد الجهد 3-ألا نجعل بيننا مكانا لموطئ قدم من الأعداء ولكني أقول بالحقيقة إننا نعمل على ذلك كل منا كأنما يعمل وحده لا نجد اثنين إلا ما شاء الله على هدف واحد أو بعبارة أصح على طريق واحد وإن كان الهدف متحدا. لذلك أرى أن من واجب علماء هذه المملكة سواء في الرياض أو في الحجاز أو في القصيم أو في غيرها من مناطق المملكة أن يجتمعوا على كلمة واحدة وأن يدرسوا الموضوع بجد لأنه خطير فيما أرى، يدرسوه دراسة وافية لا فيما يتصل بوسائل الإعلام ولا فيما يتصل بوسائل الثقافة ومناهج المدارس ومقرراتها ولا فيما يكون بين عامة الناس من الانحراف والانصراف عن أصول دينهم وفروعه. ونحن نجد كثيرا من طلاب العلم مشغولون بغير ما هم مكلفون به بطلب الدنيا والإقبال عليها والالتفاف حولها وهذا في الحقيقة يضعف دعوتهم إلى الخير، يضعف قبولها أمام العامة أيضا فإن لسلوك العالم خطرا بالغا في تأثيره على من حوله فإذا كان العامة لا يجدون من أهل العلم إلا التكالب على الدنيا كما يتكالب عليها السوقة من عامة الناس فإنهم لن يثقوا أبدا بما عندهم من الإرشادات والعلوم. كذلك أيها الإخوة بالنسبة لولاة الأمور يجب علينا مناصحتهم. النبي صلى الله عليه وسلم قال: فالواجب علينا مناصحة ولاة الأمور وألا نعتمد على رجل أو رجلين أو ثلاثة أو أربعة، يناصحون ولاة الأمور، فولاة الأمور إذا كثر ناصحوهم وعرفوا الحق من كل جانب وجاءتهم النصيحة من كل وجه فإنهم لا بد أن يلتفتوا إلى ذلك وأن يسلكوا المنهج الذي نسأل الله تعالى أن يوفقهم له، وهو منهج النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا. كذلك بالنسبة للعامة نجد أكثر المساجد – مع الأسف – غالب أئمتها جهال ولا يرشدون ولا ينصحون ولا يتكلمون وكان الناس قبل وقتنا الحاضر وقبل أن تفتح عليهم الدنيا، يأخذ إمامهم وإن لم يكن من طلبة العلم بعض الكتب المعتمدة، فيقرؤها على المصلين وينتفعون بها، أما اليوم فغالب المساجد لا يقرأ فيها شيء ولا يوجه الإمام جماعته إلى ما ينفعهم ولهذا تجد عزوف العامة عن المسائل الدينية كثيرا جدا وهذا كله بتقصير من أهل العلم وبتقصير ممن يهمهم هذا الأمر، فعلينا أيها الإخوة أن نجتمع وأن نوحد جهودنا وأن نناصح ولاة أمورنا وأن نبذل الجهد في نصح عامة المسلمين في المساجد والطرقات وغيرها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. وشيء آخر مهم جدا وهو العزلة بين الشباب والشيوخ هذه العزلة التي أصبح الشباب فيها حيران لا يهتدون سبيلا كل هذا في الحقيقة من تقصير كبار السن وعدم التفات بعضهم إلى الشباب مطلقا حتى إنهم لا يصغون لهم وإن قالوا رشدا، وهذا من الخطأ فالواجب علينا أن نكون مع هؤلاء الشباب وأن ننظر ما هم عليه وأن نلاحظ ما حولهم مما يؤثر عليهم وما السبب الذي أوجب لهم هذا العزوف والانصراف عن الإقبال على دينهم ؟ حتى إذا عرفنا الداء أمكننا أن نقوم بإعطاء الدواء. وأما كوننا إذا سمعنا ما لا ينبغي عن بعضهم أعرضنا عن الجميع ثم نبذناهم وجعلنا نسبهم في كل مكان ولا نبالي بشأنهم وننظر إليهم بعين الاحتقار فهذا مما يوجب الشر العظيم من بعد الشباب عن الشيوخ وعن أهل العلم والدين حتى تقودهم الشياطين إلى ما تريد. فعلينا أيها الإخوة أن نراعي هذه المسألة الخطيرة وأن نلقي لها بالا ونحسب لها حسابا. وعلى المدرسين خصوصا: أن يجتهدوا في تثقيف الطلبة تثقيفا دينيا وأن يرغبوهم فيما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يبصروهم بالدين على حقيقته وأن يكشفوا لهم الأحكام الشرعية كشفا واضحا مع بيان أسرار الشريعة وحكمتها لأني أرى أن التعليم ولا سيما الجامعي فيه بعض النقص وذلك أن بعض المدرسين يلقي الدرس جافا أي أنهم لا يبينون للطلبة دليل حكم المسألة ولا حكمته وواقع المؤمن أن ينقاد إلى أمر الله ورسوله سواء علم الحكمة أم لا. قال تعالى والآن أرجع إلى صميم المحاضرة: لقد كان موضوع محاضرتي هذه "عقد النكاح وآثاره وما يترتب عليه وغير ذلك من بعض ما يتعلق به". واخترت هذا الموضوع لأهميته وجهل كثير من الناس بكثير من أحكامه، ولما يتصل به من المشكلات الاجتماعية التي يتمنى كل مخلص وناصح لدينه وأمته أن ييسر حلها، فإن المشكلات كلما طرقت وألقيت الأضواء عليها تيسر حلها وإذا تناساها الناس وأغمضوا عيونهم بقيت كما هي أو زادت غموضا وإشكالا. وقد عقدت لهذا الموضوع عشرة فصول: الفصل الأول: في معنى النكاح لغة وشرعا الفصل الثاني: في حكم النكاح الفصل الثالث: في شروط النكاح الفصل الرابع: في أوصاف المرأة التي ينبغي نكاحها الفصل الخامس: في المحرمات في النكاح الفصل السادس: في العدد المباح في النكاح الفصل السابع: في الحكمة من النكاح الفصل الثامن: في الآثار المترتبة على النكاح ومنها: 1- المهر. 2- النفقة. 3- الصلة بين الأصهار. 4- المحرمية. 5-الميراث الفصل التاسع: في حكم الطلاق وما يراعى فيه. الفصل العاشر: فيما يترتب على الطلاق
النكاح في اللغة: يكون بمعنى عقد التزويج ويكون بمعنى وطء الزوجة قال أبو علي القالي: "فرقت العرب فرقا لطيفا يعرف به موضع العقد من الوطء، فإذا قالوا: نكح فلانة أو بنت فلان أرادوا عقد التزويج، وإذا قالوا: نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إلا الجماع والوطء". ومعنى النكاح في الشرع: "تعاقد بين رجل وامرأة يقصد به استمتاع كل منهما بالآخر وتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم". ومن هنا نأخذ أنه لا يقصد بعقد النكاح مجرد الاستمتاع بل يقصد به مع ذلك معنى آخر هو تكوين الأسرة الصالحة والمجتمعات السليمة لكن قد يغلب أحد القصدين على الآخر لاعتبارات معينة بحسب أحوال الشخص.
النكاح باعتبار ذاته مشروع مؤكد في حق كل ذي شهوة قادر عليه. وهو من سنن المرسلين، قال الله تعالى: وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ولذلك قال العلماء: (إن التزويج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة) لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة والآثار الحميدة التي سنبين بعضها فيما بعد إن شاء الله. وقد يكون النكاح واجبا في بعض الأحيان كما إذا كان الرجل قوي الشهوة ويخاف على نفسه إن لم يتزوج فهنا يجب عليه أن يتزوج لإعفاف نفسه وكفها عن الحرام ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:
من حسن التنظيم الإسلامي ودقته في شرع الأحكام أن جعل للعقود شروطا بها وتتحدد فيها صلاحيتها للنفوذ والاستمرار فكل عقد من العقود له شروط لا يتم إلا بها وهذا دليل واضح على أحكام الشريعة وإتقانها وأنها جاءت من لدن حكيم خبير يعلم ما يصلح للخلق ويشرع لهم ما يصلح به دينهم ودنياهم حتى لا تكون الأمور فوضى لا حدود لها ومن بين تلك العقود عقد النكاح فعقد النكاح له شروط نذكر منها ما يأتي وهو أهمها: فلا يصح إجبار الرجل على نكاح من لا يريد ولا إجبار المرأة على نكاح من لا تريد. قال الله تعالى: وإذا امتنعت عن الزواج فلا يجوز أن يجبرها عليه أحد ولو كان أباها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فلا يصح النكاح بدون ولي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: والولي: هو البالغ العاقل الرشيد من عصباتها، مثل الأب، والجد من قبل الأب، والابن وابن الابن وإن نزل والأخ الشقيق والأخ من الأب والعم الشقيق والعم من الأب وأبنائهم الأقرب فالأقرب. ولا ولاية للأخوة من الأم ولا لأبنائهم ولا أبي الأم والأخوال لأنهم غير عصبة وإذا كان لا بد في النكاح من الولي فإنه يجب على الولي اختيار الأكفأ الأمثل إذا تعدد الخطاب فإن خطبها واحد فقط وهو كفء ورضيت فإنه يجب عليه أن يزوجها به وهنا نقف قليلا لنعرف مدى المسئولية الكبيرة التي يتحملها الولي بالنسبة إلى من ولاه الله عليها فهي أمانة عنده يجب عليه رعايتها ووضعها في محلها ولا يحل له احتكارها لأغراضه الشخصية أو تزويجها بغير كفئها من أجل طمع فيما يدفع إليه، فإن هذا من الخيانة وقد قال الله تعالى:
النكاح يراد للاستمتاع وتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم كما قلنا فيما سبق. وعلى هذا فالمرأة التي ينبغي نكاحها هي التي يتحقق فيها استكمال هذين الغرضين وهي التي اتصفت بالجمال الحسي والمعنوي. فالجمال الحسي: كمال الخلقة لأن المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطق قرت العين بالنظر إليها وأصغت الإذن إلى منطقها فينفتح إليها القلب وينشرح إليها الصدر وتسكن إليها النفس ويتحقق فيها قوله تعالى: الجمال المعنوي: كمال الدين والخلق فكلما كانت المرأة أدين وأكمل خلقا كانت أحب إلى النفس وأسلم عاقبة فالمرأة ذات الدين قائمة بأمر الله حافظة لحقوق زوجها وفراشه وأولاده وماله، معينه له على طاعة الله تعالى، إن نسي ذكرته وإن تثاقل نشطته وإن غضب أرضته والمرأة الأدبية تتودد إلى زوجها وتحترمه ولا تتأخر عن شيء يجب أن تتقدم فيه ولا تتقدم في شيء يجب أن تتأخر فيه ولقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن جملة الحدود الشرعية التي حد الله تعالى حدودها النكاح حلا وحرمة، حيث حرم على الرجل نكاح نساء معينة لقرابة أو رضاعة أو مصاهرة أو غير ذلك – والمحرمات من النساء على قسمين: قسم محرمات دائما وقسم محرمات إلى أجل. وهن سبع ذكرهن الله تعالى بقوله في سورة النساء: 1- فالأمهات: يدخل فيهم: الأم، والجدات سواء كن من جهة الأب أم من جهة الأم. 2- والبنات: يدخل فيهن: بنات الصلب وبنات الأبناء وبنات البنات (وإن نزلن). 3- والأخوات: يدخل فيهن الأخوات الشقيقات والأخوات من الأب والأخوات من الأم. 4- والعمات: يدخل فيهن: عمات الرجل وعمات أبيه وعمات أجداده وعمات أمه وعمات جداته. 5- والخالات: يدخل فيهن: خالات الرجل وخالات أبيه وخالات أجداده وخالات أمه وخالات جداته. 6- وبنات الأخ: يدخل فيهن بنات الأخ الشقيق وبنات الأخ من الأب وبنات الأخ من الأم وبنات أبنائهم وبنات بناتهم (وإن نزلن). 7- وبنات الأخت: يدخل فيهن: بنات الأخت الشقيقة وبنات الأخت من الأب وبنات الأخت من الأم وبنات أبنائهن وبنات بناتهن (وإن نزلن). وهن نظير المحرمات بالنسب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: 1- أن يكون خمس رضعات فأكثر، فلو رضع الطفل من المرأة أربع رضعات لم تكن أما له؛ لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: 2- يكون الرضاع قبل الفطام أي يشترط أن تكون الرضعات الخمس كلها قبل الفطام فإن كانت بعد الفطام أو بعضها قبل الفطام وبعضها بعد الفطام لم تكن المرأة أما له وإذا تمت شروط الرضاع صار الطفل ولدا للمرأة وأولادها أخوة له سواء كانوا قبله أو بعده وصار أولاد صاحب اللبن أخوة له أيضا سواء كانوا من المرأة التي أرضعت الطفل أم من غيرها. وهنا يجب أن نعرف بأن أقارب الطفل المرضع سوى ذريته لا علاقة لهم بالرضاع ولا يؤثر فيهم الرضاع شيئا فيجوز لأخيه من النسب أن يتزوج أمه من الرضاع أو أخته من الرضاع أما ذرية الطفل فإنهم يكونون أولادا للمرضعة وصاحب اللبن كما كان أبوهم من الرضاع كذلك.
1- زوجات الآباء والأجداد وإن علوا سواء من قبل الأب أم من قبل الأم، لقوله تعالى: 2- زوجات الأبناء وإن نزلوا، لقوله تعالى: 3- أم الزوجة وجدتها وإن علون، لقوله تعالى: 4- بنات الزوجة، وبنات أبنائها وبنات بناتها وإن نزلن وهن الربائب وفروعهن لكن بشرط أن يطأ الزوجة فلو حصل الفراق قبل الوطء لم تحرم الربائب وفروعهن، لقوله تعالى: وهن أصناف منها: 1- أخت الزوجة وعمتها وخالتها حتى يفارق الزوجة فرقة موت أو فرقة حياة وتنقضي عدتها لقوله تعالى: 2- معتدة الغير: أي إذا كانت المرأة في عدة لغيره فإنه لا يجوز له نكاحها حتى تنتهي عدتها وكذلك لا يجوز له أن يخطبها إذا كانت في العدة حتى تنتهي عدتها. 3- المحرمة بحج أو عمرة: لا يجوز عقد النكاح عليها حتى تحل من إحرامها. وهناك محرمات أخرى تركنا الكلام فيهن خوفا من التطويل. وأما الحيض: فلا يوجب تحريم العقد على المرأة فيعقد عليها وان كانت حائضا لكن لا توطأ حتى تطهر وتغتسل. لما كان إطلاق العنان للشخص في تزويج ما شاء من العدد أمرا يؤدي إلى الفوضى والظلم وعدم القدرة على القيام بحقوق الزوجات وكان حصر الرجل على زوجة واحدة قد يفضي إلى الشر وقضاء الشهوة بطريقة أخرى محرمة أباح الشارع للناس التعدد إلى أربعة فقط لأنه العدد الذي يتمكن به الرجل من تحقيق العدل والقيام بحق الزوجة ويسد حاجته إن احتاج إلى أكثر من واحدة. قال الله تعالى:
1- أنه قد يكون ضروريا في بعض الأحيان مثل: أن تكون الزوجة كبيرة السن أو مريضة لو اقتصر عليها لم يكن له منها عفاف وتكون ذات أولاد منه فإن أمسكها خاف على نفسه المشقة بترك النكاح أو ربما يخاف الزنا وإن طلقها فرق بينها وبين أولادها فلا تزول هذه المشكلة إلا بحل التعدد. 2- أن النكاح سبب للصلة والارتباط بين الناس وقد جعله الله تعالى قسيما للنسب فقال تعالى: 3- يترتب عليه صون عدد كبير من النساء والقيام بحاجتهن من النفقة والمسكن وكثرة الأولاد والنسل وهذا أمر مطلوب للشارع. 4- من الرجال من يكون حاد الشهوة لا تكفيه الواحدة وهو تقي نزيه ويخاف الزنا ولكن يريد أن يقضي وطرا في التمتع الحلال فكان من رحمة الله تعالى بالخلق أن أباح لهم التعدد على وجه سليم. قبل أن نبدأ الكلام في خصوص تلك المسألة يجب علينا أن نعلم علما يقينا بأن الأحكام الشرعية كلها حكم وكلها في موضعها وليس فيها شيء من العبث والسفه ذلك لأنها من لدن حكيم خبير ولكم هل الحكم كلها للخلق؟ إن الآدمي محدود في علمه وتفكيره وعقله فلا يمكن أن يعلم كل شيء ولا أن يلهم معرفة كل شيء قال الله تعالى: 1- حفظ كل من الزوجين وصيانته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: 2- حفظ المجتمع من الشر وتحلل الأخلاق فلولا النكاح لانتشرت الرذائل بين الرجال والنساء. 3- استمتاع كل من الزوجين بالآخر بما يجب له من حقوق وعشرة فالرجل يكفل المرأة ويقوم بنفقاتها من طعام وشراب ومسكن ولباس بالمعروف قال النبي صلى الله عليه وسلم: 4- أحكام الصلة بين الأسر والقبائل فكم من أسرتين متباعدتين لا تعرف إحداهما الأخرى وبالزواج يحصل التقارب بينهما والاتصال ولهذا جعل الله الصهر قسيما للنسب كما تقدم. 5- بقاء النوع الإنساني على وجه سليم فإن كان النكاح سبب للنسل الذي به بقاء الإنسان قال الله تعالى: 1- فناء الإنسان 2- أو وجود إنسان ناشئ من سفاح لا يعرف له أصل ولا يقوم على أخلاق - ويطيب لي أن استطرد هنا قليلا لحكم تحديد النسل فأقول: تحديد النسل بعدد معين خلاف مطلوب الشارع؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتزوج المرأة الولود أي كثيرة الولادة وعلل ذلك بأنه مكاثر بنا الأمم أو الأنبياء وقال أهل الفقه: ينبغي أن يتزوج المرأة المعروفة بكثرة الولادة إما بنفسها إن كانت تزوجت من قبل وعرفت بكثرة الولادة أو بأقاربها كأمها وأختها إذا كانت لم تتزوج من قبل. ثم ما الداعي لتحديد النسل؟ هل هو الخوف من ضيق الرزق أو الخوف من تعب التربية؟ إن كان الأول فهذا سوء ظن بالله تعالى لأن الله سبحانه وتعالى إذا خلق خلقا فلا بد أن يرزقه. قال الله تعالى: وإذا تبين أن تحديد النسل خلاف المشروع فهل تنظيم النسل على الوجه الملائم لحال الأم من ذلك؟ الجواب: لا ليس تنظيم النسل على الوجه الملائم لحال الأم من تحديد النسل في شيء وأعني بتنظيم النسل أن يستعمل الزوجان أو أحدهما طريقة تمنع من الحمل في وقت دون وقت فهذا جائز إذا رضي به من الزوج والزوجة مثل: أن تكون الزوجة ضعيفة والحمل يزيدها ضعفا أو مرضا وهي كثيرة الحمل فتستعمل برضا الزوج هذه الحبوب التي تمنع من الحمل مدة معينة فلا بأس بذلك وقد كان الصحابة يعزلون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينهوا عن ذلك والعزل من أسباب امتناع الحمل من هذا الوطء.
يترتب على النكاح آثار كثيرة منها ما يلي: والمهر: هو الصداق المسمى باللغة العامة – ( جهازا - فالمهر ثابت للمرأة بالنكاح سواء شرط أم سكت عنه وهو المال المدفوع للزوجة بسبب عقد النكاح فإن كان معينا فهو ما عين سواء كان قليلا أم كثيرا وإن كان غير معين بأن عقد عليها ولم يدفع جهازا ولم يسموا شيئا فعلى الزوج أن يدفع إليها مهر الثمن وهو ما جرت العادة أن يدفع لمثلها – وكما يكون المهر مالا أي عينا يكون كذلك منفعة فلقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأة برجل على أن يعلمها شيئا من القران (18) 1- تعطل كثير من الرجال والنساء عن النكاح. 2- أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلى المهر قلة وكثرة فالمهر عند كثير منهم هو ما يستفيدونه من الرجل لامرأته فإذا كان كثيرا زوجوا ولم ينظروا للعواقب وإن كان قليلا ردوا الزوج وإن كان مرضيا في دينه وخلقه. 3- أنه إذا ساءت العلاقة بين الزوج والزوجة وكان المهر بهذا القدر الباهظ فإنه لا تسمح نفسه غالبا بمفارقتها بإحسان بل يؤذيها ويتعبها لعلها ترد شيئا مما دفع إليها ولو كان المهر قليلا لهان عليه فراقها. ولو أن الناس اقتصدوا في المهر وتعاونوا في ذلك وبدأ الأعيان بتنفيذ هذا الأمر لحصل للمجتمع خير كثير وراحة كبيرة وتحصين كثير من الرجال والنساء ولكن مع الأسف إن الناس صاروا يتبارون في السبق إلى تصاعد المهور وزيادتها فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل ولا ندري إلى أي غاية ينتهون؟ ولقد كان بعض الناس وخصوصا البادية يسلكون مسلكا فيه بعض السهولة وهو تأجيل شيء من المهر مثل: أن يزوجه بمهر قدره كذا نصفه حال ونصفه مؤجل إلى سنة أو أقل أو أكثر وهذا يخفف عن الزوج بعض التخفيف. فعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف طعاما وشرابا وكسوة وسكنى فإن بخل بشيء من الواجب فهو آثم ولها أن تأخذ من ماله بقدر كفايتها أو تستدين عليه ويلزمه الوفاء. ومن النفقة: الوليمة وهي ما يصنعه الزوج من الطعام أيام الزواج ويدعو الناس إليه وهي سنة مأمور بها لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها ولكن يجب في الوليمة أن يتجنب فيها الإسراف المحرم وينبغي أن تكون بقدر حال الزوج أما ما يفعله بعض الناس من الإسراف فيها كمية وكيفية فإنه لا ينبغي ويترتب عليه صرف أموال كثيرة بلا فائدة. فقد جعل الله بين الزوج وزوجته مودة ورحمة وهذا الاتصال يوجب الحقوق المترتبة عليه عرفا فإنه كلما حصلت الصلة وجب من الحقوق بقدرها. فإن الزوج يكون محرما لأمهات زوجته وجداتها وإن علون ويكون محرما لبناتها وبنات أبنائها وبنات بناتها وإن نزلن إذا كان دخل بأمهن الزوجة وكذلك الزوجة تكون من محارم أباء الزوج وإن علوا وأبنائه وإن نزلوا. فمتى عقد شخص على امرأة بنكاح صحيح فإنه يجري التوارث بينهما لقوله تعالى:
الطلاق فراق الزوجة باللفظ أو الكتابة أو الإشارة. والأصل في الطلاق أنه مكروه إذ إنه يحصل به تفويت مصالح النكاح السابقة، وتشتيت الأسرة، وفي الحديث: ولكن لما كان الطلاق لا بد منه أحيانا إما لتأذي المرأة ببقائها مع الرجل، أو لتأذي الرجل منها، أو لغير ذلك من المقاصد، كان من رحمة الله أن أباحه لعباده، ولم يحجر عليهم بالتضييق والمشقة. فإذا كره الرجل زوجته ولم يتحمل الصبر فلا بأس أن يطلقها، ولكن يجب أن يراعي ما يأتي: 1- ألا يطلقها وهي حائض: فإن طلقها وهي حائض فقد عصى الله ورسوله، وارتكب محرما، ويجب عليه حينئذ أن يراجع ويبقيها حتى تطهر، ثم يطلقها إن شاء، والأولي أن يتركها حتى تحيض المرة الثانية، فإذا طهرت فإن شاء أمسكها، وإن شاء طلقها. 2- ألا يطلقها في طهر جامعها فيه إلا أن يتبين حملها: فإذا هم رجل بطلاق امرأته، وقد جامعها بعد حيضتها، فإنه لا يطلقها حتى تحيض ثم تطهر، ولو طالت المدة، ثم إن شاء طلقها قبل أن يمسها. إلا إذا تبين حملها، أو كانت حاملا، فلا بأس أن يطلقها. قال الله تعالى: قال ابن عباس رضي الله عنهما: "لا يطلقها وهي حائض، ولا في طهر قد جامعها فيه، ولكن يتركها إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة". 3- ألا يطلقها أكثر من واحدة: فلا يقول: أنت طالق طلقتين، أو أنت طالق ثلاثا، أو أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فطلاق الثلاث محرم لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا: وإن كثير من الناس يجهلون أحكام الطلاق، فأي وقت طرأ عليهم الطلاق طلقوا من غير مبالاة بوقت أو عدد. والواجب على العبد أن يتقيد بحدود الله، ولا يتعداها. فقد قال الله تعالى:
لما كان الطلاق فراق الزوجة، فإنه يترتب على هذا الفراق أحكام كثيرة منها: 1- وجوب العدة إذا كان الزوج قد دخل بزوجته أو خلا بها. أما إن طلقها قبل أن يدخل بها ويخلو بها، فلا عدة له عليها، لقوله تعالى: والعدة ثلاث حيض إن كانت من ذوات الحيض، وثلاثة أشهر إن لم تكن من ذوات الحيض، ووضع الحمل إن كانت حاملا. 2- تحريم الزوجة على الزوج إذا كان قد طلقها قبل ذلك الطلاق مرتين: يعني: لو طلق زوجته ثم راجعها في العدة، أو تزوجها بعد العدة، ثم طلقها مرة ثانية وراجعها في العدة، أو تزوج بعدها، ثم طلقها المرة الثالثة، فإنها لا تحل له بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا، ويجامعها فيه، ثم يرغب عنها ويطلقها، فإنها بعد ذلك تحل للأول، لقوله تعالى: وإنما حرم الله المرأة على من طلقها ثلاث مرات حتى تنكح زوجا غيره، لأن الناس كانوا في أول الإسلام يطلقون ويراجعون بأي عدد كان، فغضب رجل على امرأته فقال لها: والله لا أؤويك ولا أفارقك. قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك، ثم أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك، فذكرت المرأة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى أيها الإخوة: لعلنا أتينا بجمل كثيرة من أحكام النكاح، متحرين بذلك أن تكون بالقدر المناسب من غير تطويل ممل ولا تقصير مخل.. وأسأل الله تعالى أن ينفع بها، وأن يجعل العمل خالصا لله موافقا لمرضاة الله، وأن يجعل من هذه الأمة جيلا عالما بأحكام الله، حافظا لحدود الله، قائما بأمر الله، هاديا لعباد الله.
|